الوالد من ..الوالدة من..أنا خليط من..

المصدر: هبة الله المنصوري

الوالد من دولة كذا والوالدة من دولة كذا..جملة رددها ويرددها العديد من أبناء الأبوين من جنسيات مختلفة ويعلمها مواليد السبعينات جيداً ربما لأن الوقت كان غير الوقت ولم تكن الأمور كما هي اليوم، كانت إلى حد ما غريبة وغير مألوفة..ولا توجد قاعدة حتى يومنا هذا تجزم ما إذا كان تربية الأبناء لأبوين من جنسيات مختلفة يفيد الأبناء ويمنحهم فرصة لامتزاج ثقافتين مختلفتين أم العكس.

الوالد من ..الوالدة من..أنا خليط من..

الأبناء في أحيان كثيرة، وخاصة في مرحلة الطفولة لا يشعرون بهذا الاختلاف ومن ثم تبدأ المراهقة والشباب ليبدأ الأبناء بالشعور بعدم تقبل المجتمعين لهم فلا جنسية الوالد، بالعادات والتقاليد والمفاهيم المتوارثة تشعر بانتماء هؤلاء الأبناء لهم ولا جنسية الوالدة كذلك، التي يعامل أولادها على أنهم أجانب لأب أجنبي عن بلد الأم.

يعتقد البعض بأن الاختلاف في الجنسيات يثري ثقافة الأبناء ويمنحهم تعددية في التفكير والتعامل مع الآخرين، يجد آخرون أن هذا الأمر يُعرِّض الأبناء لتشتت الهوية وصعوبة الانخراط في المجتمع.

والمحصلة لا يحسمها شيء، يكبر الأبناء ويتعلموا وينخرطوا في الحياة العملية ويكونوا عائلات وأسر وفي ظن الكثير منهم والرغبة في عدم تكرار ما فعله الأبوين فمن وجهة نظرهم الأفضل أن يحمل الأب والأم نفس الجنسية حتى تمشي تربية الأبناء بسلاسة ودون توتر أو ضغوط مجتمعية قد يتعرضوا لها على سبيل المثال لا الحصر طريقة اللهجة، الأسلوب في التعامل فالأم في البيت تعكس ثقافتها وبيئتها التي تربت عليها في بلدها والأب في أحيان كثيرة وبسبب انشغاله لا يرى ما يدعو إلى القلق وعندما يحاول جذب الأبناء لبيئته وثقافته يصبح الأبناء في حالة شد وجذب من دون قصد بين ثقافتين ولهجتين وجنسيتين مختلفتين.

الله –تعالى- قال في كتابه العظيم:” يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ”. صدق الله العظيم
تظل المعادلة ووجهات النظر المتعددة في محاولة الدفاع عن القرار بالزواج من جنسية مختلفة ويعدد العديد من خبراء التربية فوائد امتزاج الجنسيات والثقافات المتنوعة ويعادل ذلك خبراء آخرون ممن يرون مساوئ ذلك وآثاره السلبية على الأبناء.

وتمر السنين ويكبر الأبناء وينخرط العديد منهم في حياته الأسرية والعملية ويحقق نجاحات وإخفاقات وتبقى حقيقة واحدة وهي الحب والرضا بقدر الله وقضائه، الذي اختار هذين الوالدين ليرسما خارطة حياتهم العقلية والشعورية والاجتماعية والثقافية والسياسية ولا يسع الأبناء سوى قول الحمد لله على كل شيء.

نبذة عن الكاتب:

هبة الله المنصوري، كاتبة إماراتية، حاصلة على ليسانس كلية الآداب قسم فلسفة، علم اجتماع، علم النفس، جامعة بيروت التابعة لجامعة الإسكندرية، دورة في الإعلام ومجال التسويق والاتصال، مؤسسة البيان للصحافة والطباعة والنشر، رئيساً تنفيذياً لشركة BIZ COM للاستشارات الإعلامية. إضافة إلى دورها القيادي في الشركة، شاركت المنصوري في تأسيس مينانيوزواير MENA Newswire ، وهي شركة مبتكرة في مجال التكنولوجيا الإعلامية، والتي تعمل على تحويل نشر المحتوى من خلال نموذج المنصة كخدمة. وتساهم المنصوري في الاستثمار في نيوزي Newszy ، مركز توزيع الأخبار والذي يعمل بالذكاء الاصطناعي، بالإضافة إلى ذلك، فهي شريكة في Middle East & Africa Private Market Place (MEAPMP)، وهي منصة إعلانات (SSP) المستقلة الناشئة في المنطقة ، تحاول اكتساب خبرة في مجال التسويق الرقمي والتكنولوجيا.